حقائق الإسلام
القرآن ومحاورة المتمرد الفكر لا يعالج بالبطش والتنكيل أو السب واللعن، وإنما يُعالَج الفكر ويواجه بالفكر. وأقوى وسائل السيطرة على الناس هى السيطرة الفكرية على عقولهم، هذا هو الدرس القرآنى الذى علمه سيدنا بلال لأهل الشرك والكفر، حين اشتدوا عليه فى الأذى والبطش به ليدفعوه إلى الكفر برسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام، فقال بلال لسيده فى الجاهلية: يا أمية عذب هذا الجسد كيف شئت! فإنما تعذب جسدًا فانيًا، أما قلبى وعقلى فهما لله الخالق.
نعم يموت الجسد، ولا يموت الفكر الإيمانى؛ وبنفس المنطق والأسلوب فتح سيدنا مصعب بن عمير المدينة بالقرآن، حيث كان يختار من الآيات ما يظهر الحجة البالغة، فآمن خلق كثير بالمدينة؛ وهذا ما يصنعه القرآن بالعقول والقلوب.
وفى القرآن نماذج هادية فى السيطرة على العقول، من ذلك الحوار القرآنى مع نمرود: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) البقرة/258.
فالقرآن خطاب الخالق للخلق، وهو وحده القادر على محاورة المتمرد وفضح حججه الواهية؛ إن القرآن كلام الحق، وأولى بأهل الحق أن يواجهوا الهجمة الشرسة على مقدسات هذا الدين بالحجة البالغة، بعيدًا عن التهور والانفعال والاندفاع فى الخطاب، لأن الطامة الكبرى حين يكون حامل لواء الباطل أذكى من حامل لواء الحق!!
وليس أمامنا من ملاذ نتشبث به لتأمين عقول أبنائنا من الغزو الثقافى فى زمن العولمة الذى يحاول جاهدًا اغتيال خصوصيتنا ليس أمامنا من مَلاذٍ سوى القرآن، نعلمه لأبنائنا، فالقرآن وحده هو القادر على محاورة التمرد والطغيان، وكف شرورهما عن البشرية. وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ
|
|